قصة سيدنا أيوب عليه السلام - اعظم مثال فى الصبر - prophets stories
نبي
الله أيوب عليه الصلاة والسلام
يصيب الله تعالى عباده بمختلف أنواع الابتلاءات والمحن، وذلك
لبيان الصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق، حيث قال الله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ
لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ {2} ) سورة الملك ومن الجدير بالذكر أنّ الأنبياء من أشدّ وأكثر
الناس ابتلاءً، فالمسلم يصيبه البلاء بقدر إيمانه بالله تعالى، إلا أنّ التحصين من
الفتن والشهوات والخروج من الابتلاءات والمحن يكون بحرص العبد على تقوى الله.
نسبه عليه السلام
ويقال
ان سيدنا ايوب هو أيوب بن موص بن رازح بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه
السلام، وقيل غير ذلك في نسبه، إلا أن الثابت أنه من ذرية إبراهيم الخليل عليه
السلام.
وحُكي
أن أمه بنت نبي الله لوط عليه السلام. وأما زوجته فقيل: إنّ اسمها رحمة بنت يوسف
بن يعقوب، وقيل غير ذلك.
وسيدنا
أيوب عليه السلام من الأنبياء المنصوص على الوحي إليهم في القرءان الكريم حيث قال
تعالى:
( إِنَّا أَوْحَيْنَا
إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ
وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ
وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وٍ سُلَيْمَانَ وَ
آتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوُرَا {163} ) سورة النساء
وكان
عليه السلام عبدًا تقيًا شاكرًا لأنعم الله رحيمًا بالمساكين، يُطعم الفقراء
ويُعين الأرامل ويكفل الأيتام، ويكرم الضيف، ويؤدي حق الله عليه على أكمل وجه.
إبتلاء الله لأيوب عليه الصلاة والسلام
يقول
الله تبارك وتعالى:{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي
مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41)}سورة ص.
كان
سيدنا أيوب عليه السلام كثير المال ءاتاه الله الغنى والصحة والمال وكثرة الأولاد،
وابتلاه بالنعمة والرخاء ولم تفتنه زينة الحياة الدنيا ولم تخدعه ولم تشغله عن
طاعة الله، وكان عليه السلام يملك الأراضي المتسعة من أرض حوران، ثم ابتلاه الله
بعد ذلك بالضرّ الشديد في جسده وماله وولده فقد ذهب ماله ومات أولاده جميعهم، فصبر
على ذلك صبرًا جميلًا ولم ينقطع عن عبادة ربه وشكره، وفوق هذا البلاء الذي
ابتلي به في أمواله وأولاده، ابتلاه الله تعالى بأنواع من الأمراض الجسيمة في بدنه
وهو في كل هذا البلاء صابرٌ محتسب يرجو ثواب الله في الآخرة، ذاكرًا لمولاه في
جميع أحواله في ليله ونهاره وصباحه ومسائه.
وطال
مرضه عليه السلام ولزمه ثماني عشرة سنة وكانت زوجته لا تفارقه صباحًا ولا مساء إلا
بسبب خدمة الناس بالأجرة لتطعمه وتقوم بحاجاته، وكانت تَحْنو عليه وترعى له حقه
وتعرف قديم إحسانه إليها وشفقته عليها وحسن معاشرته لها في حالة السراء، لذلك كانت
تتردد إليه فتصلح من شأنه وتعينه على قضاء حاجته ونوائب الدهر، وكانت تخدم الناس
لتطعمه الطعام وهي صابرة معه محتسبة ترجو الثواب من الله تبارك وتعالى.
دعاء أيوب وشفاؤه عليه الصلاة والسلام، ورفع البلاء عنه بعد ثماني
عشرة سنة من الضر والعذاب
كثرت
البلايا والأمراض على نبي الله أيوب عليه السلام طيلة ثماني عشرة سنة، وهو صابرٌ
محتسبٌ يرجو الثواب من الله تعالى، فدعا الله وابتهل إليه بخشوع وتضرع قائلًا:{ وَأَيُوبَ إِذْ نَادَىَ رَبَهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ
وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)}سورة الأنبياء، ثم خرج عليه السلام
لقضاء حاجته وأمسكت زوجته بيده إلى مكان بعيد عن أعين الناس فلما فرغ عليه السلام
أوحى الله تبارك وتعالى إليه في مكانه:{ارْكُضْ
بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42)}سورة ص، فأمره تعالى أن يضرب برجله الأرض، فامتثل عليه السلام ما أمره الله
به وأنبع الله تبارك وتعالى له بمشيئته وقدرته عَينين فشرب من إحداهما واغتسل من
العين الأخرى فأذهب الله عنه ما كان يجده من المرض وتكاملت العافية وأبدله بعد ذلك
كله صحة ظاهرة وباطنة، ولما استبطأته زوجته وطال انتظارها، أقبل نبي الله عليه
السلام إليها سليمًا صحيحًا على أحسن ما كان فلما رأته لم تعرفه فقالت له: بارك
الله فيك هل رأيت نبي الله أيوب هذا المبتلى؟ فو الله على ذلك ما رأيت رجلًا أشبه
به منك إذ كان صحيحًا، فقال لها عليه السلام: فإني أنا هو.
وكان
لنبي الله أيوب عليه السلام بَيدران بيدرٌ للقمح وبيدر للشعير والبيدر هو مجمع
يجمع فيه القمح ويدرس .
فبعث
الله تبارك وتعالى بقدرته سحابتين، فلما كانت إحداهما على بيدر القمح أفرغت فيه
الذهب حتى فاض، وأفرغت السحابة الأخرى على بيدر الشعير الفضة حتى فاض وعمّ، وبينما
كان أيوب عليه السلام يغتسل خرّ عليه وسقط جراد من ذهب وهذا إكرامٌ من الله تعالى
لنبيه أيوب عليه السلام ومعجزة له، فشرع عليه السلام يحتثي ويجمع في الثوب الذي
كان معه استكثارًا من البركة والخير الذي رزقه الله إياه، فناداه ربه: يا أيوب ألم
أكن أغنيك عمّا ترى، فقال عليه السلام: بلى يا رب، ولكن لا غنى لي عن بركتك، رواه
البخاري وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا، ورواه أحمد في مسنده
موقوفًا، ورواه بنحوه ابن أبي حاتم وأحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه بإسناد على
شرط الصحيح.
وأغنى
الله تبارك وتعالى عبده أيوب عليه السلام بالمال الكثير بعد أن كان قد فقد أمواله،
وردَّ الله تبارك وتعالى لأيوب عليه السلام أولاده فقد قيل: أحياهم الله تبارك
وتعالى له بأعيانهم، وزاده مثلهم معهم فضلاً منه وكرمًا، والله يؤتي فضله من يشاء
ويرزق من يشاء بغير حساب.
{ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا
وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ (43)}سورة ص
أيوب عليه السلام يبرُّ بيمينه ولا يحنث
حين
ضاق الحال بزوجة أيوب عليه السلام ذات يوم فباعت نصف شعرها لبعض بنات الملوك فصنعت
له من ثمنه طعامًا فحلف أيوب عليه الصلاة والسلام إن شفاه الله تعالى ليضربنها
مائة جلدة، ولما أراد أيوب عليه الصلاة والسلام أن يبرّ بيمينه بعد شفائه أمره
الله أن يأخذ ضغثًا وهو الحُزْمة من الحشيش أو الريحان أو ما أشبه ذلك فيه مائة
قضيب فيضرب بها زوجته ضربة واحدة وبذلك لا يحنث في يمينه، ولقد شرع الله تعالى له
ذلك رحمة بها ولحسن خدمتها إياه وإحسانها إليه وشفقتها عليه أثناء مرضه ومصائبه
التي ابتُلي بها طوال الثماني عشرة سنة التي ابتلاه الله بها، ولأنها امرأة مؤمنة
صالحة تقية صابرة تؤدي حق زوجها عليها وتحسن معاشرته في السراء والضراء، وهذا من
الفرج والمخرج لمن اتقى الله تعالى وأناب إليه وخافه.
{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا
وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)} سورة ص
موت أيوب عليه السلام
لقب
نبي الله أيوب عليه السلام بالصدّيق وضرب به المثل في الصبر بسبب صبره الجميل طيلة
الثماني عشرة سنة على المصائب والبلايا، وعاش أيوب عليه الصلاة والسلام بعد رفع
الضر والمصائب عنه مُسَارعًا في طاعة الله لا تغرّه الحياة الدنيا وزهرتها يؤدي ما
فرض الله عليه ويدعو إلى دين الإسلام وعبادة الله وحده لا شريك له، ويستعمل ما
رزقه الله من أموال كثيرة في طاعة الله، إلى أن توفاه الله وهو عنه راضٍ.
وقيل
إنه لما توفي كان عمره ثلاثًا وتسعين سنة، وقيل أكثر من ذلك.